الاثنين، 22 مايو 2023

هل ذكر الله وقراءة القرآن والصلاة على النبي جماعة بصوت واحد من البدع؟

هل ذكر الله وقراءة القرآن والصلاة على النبي جماعة بصوت واحد من البدع؟ 


جواب هذا السؤال وفقهه مبني على مقدمة، إذا أحسنا فهمها وتصورناها تصورا صحيحا تبين لنا بوضوح حكم هذه المسألة وما كان مشابها لها. 


هذه المقدمة هي: أن النصوص الشرعية المطلقة الواردة في الحض على الذكر وقراءة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تناولت الذكر بإطلاق 

ولم تدل على خصوص صورة ذكر الله جماعة بصوت واحد 


بمعنى أن ذكر الله جماعة بصوت واحد اشتمل على أمرين

١-ذكر الله

٢-هيئة خاصة في الذكر وهي جماعة بصوت واحد. 


فالنصوص المطلقة كقوله تعالى:[الذين يذكرون الله قياما وقعودا] الآية

دلت على مشروعية الذكر بإطلاق، وليس فيها دلالة على مشروعية هذه الهيئة الخاصة بعينها، فالهيئة الخاصة لا نعتمد في مشروعينها على الدليل العام، ومتى التزمها الإنسان فقد أعطاها وصفا من أوصاف التشريع

وغاية ما يقال فيها: إن الشارع سكت عنها، فيشترط لمشروعيتها ألا يصادمها ترك النبي صلى الله عليه وسلم وترك الصحابة؛ لأن تركهم دليل على أن الشارع لم يرد هيئة مختصة في الذكر تكون مقصودة

ولذا كان دليل الترك أقوى من سكوت الشرع ومجرد تناول النصوص المطلقة للهيئة الخاصة...


فدليل الترك يدل على المنع في نوع هذه المسائل لا مطلقا. 


خليني أقرب المسألة أكثر

لو قلت لك: ائت بزيد

فجئتَ به مربوطا

صح لي أن أقول لك: لماذا أتيت به مربوطا؛ لأن أمري لك بالإتيان به لم يدل على مشروعية هذه الطريقة بخصوصها

يعني لماذا اخترت هذه الطريقة دون غيرها؟!!

وليس لك أن تقول أنت أمرتني أن آتيَ به...

لأني سأقول لك: أنا قلت لك ائت به، ولم أقل لك ائت به مربوطا

فهذه الطريقة بخصوصها أمر زائد على مطلق أمري لك بالإتيان به

فحتى تكون مقصودة لي تحتاج أن تعرف طبعي وعرفي وما يفهمه أتباعي لما أطلب منهم أن يأتوا بفلان...

فعندما يكون أتباعي يأتون بمن أطلب منهم أن يأتوا به غير مربوط

دل ذلك على أن هذه الصورة التي فعلتها لا أريدها وليست مقصودة من قولي: ائت بزيد 

ولا هي وسيلة  مقصودة لي


فالصحابة هم أعلم الناس بمراد الله، فلما خاطبهم الله بالذكر مطلقا وبالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مطلقا

ولم يأتوا به على هيئة جماعية بصوت واحد

علمنا من ذلك أن هذه الصورة بعينها لا يريدها الله في الذكر، وليست مشروعة لا بالقصد الأول ولا بالقصد الثاني.


هذا هو المقصود من الاستدلال بدليل الترك على المنع من البدع الإضافية.


وهنا يأتي الفقه الاستقرائي لأصول الشريعة وأصول أبوابها ومقصد الشارع منها. 


كتبه

د. أحمد محمد الصادق النجار 

أستاذ مساعد بكلية علوم الشريعة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق