الخميس، 2 يوليو 2015

[ مجالسة أهل البدع ]

[ مجالسة أهل البدع ]


الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد :

فإن مجالسة أهل البدع من المسائل المهمة من جهة حكمها, وما يترتب عليها.
فأما من جهة حكمها ؛ فالأصل فيمن ثبتت بدعته ألا يجلس إليه؛ لنهي الشارع عن ذلك في قوله تعالى واذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وغير ذلك من الادلة
و لأن مخالطته ومصاحبته تجر إلى اعتقاد مذهبه, والوقوع في حبال شبهته.

ولأجل هذه العلة وغيرها :
منع السلف من الجلوس عند أهل البدع, ومخالطتهم, والسماع منهم.

قال الصابوني عن أهل السنة :
( ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه, ولا يحبونهم, ولا يصحبونهم, ولا يسمعون كلامهم, ولا يجالسونهم, ولا يجادلونهم في الدين, ولا يناظرونهم ...)

ويستثنى من ذلك ما إذا كانت المصلحة المترتبة على الجلوس معهم أعظم من المفسدة, كدعوتهم إلى الحق لمن كان متمكنا, أو صلة رحم إذا كان المبتدع غير داعية إلى بدعته، ونحو ذلك
قال أبو داود: ( قلت لأحمد: لنا أقارب بخراسان، يرون الإرجاء، فنكتب إلى خراسان نقرئهم السلام ؟ قال: سبحان الله، لم لا تقرئهم ؟ قلت لأحمد: نكلمهم؟ قال: نعم، إلا أن يكون داعيا ويخاصم فيه)

وجاء عن عبد الله قال قلت لأبي ما تقول في أصحاب الحديث يأتون الشيخ لعله يكون مرجئا أو شيعيا أو فيه شيء من خلاف السنة أينبغي أن اسكت فلا احذر عنه أم أحذر عنه؟ قال: إن كان يدعو إلى بدعة وهو إمام فيها ويدعو إليها, قال: نعم تحذر عنه.

والفرق الذي ذكره الامام احمد بين الداعية وغير الداعية فرق معتبر ومناسب؛ لأن الداعية أظهر المنكر فاستحق العقوبة بهجره, ولكون تلبيسه على الناس أعظم, بخلاف غير الداعية؛ فإنه ساكت.

وهذا فرق مهم؛ يعود بوضوح إلى العلة التي من أجلها نهى السلف عن مجالسة أهل البدع.

ومجالسة أهل البدع عموما ترجع إلى أصلين :

الأول: الهجر, وهذا فيمن تحققت فيه العلة السالف ذكرها,وكانت مصلحة هجره أعظم.

الثاني: الدعوة إلى الله, وهذا فيمن كان متمكنا, وكان مصلحة دعوة المبتدع إلى الله أعظم.

إذا عرفنا هذين الاصلين تبين لنا :
ما يترتب على الجلوس عند أهل البدع.

فمن جالسهم وصاحبهم ممن يجب عليه هجرهم؛ لانتفاء مصلحة عدم الهجر , فلا يخلو :

1-أن يكون جهلا منه, فهذا يبين له خطر مجالستهم, وينصح.
قال أيوب رآني سعيد بن جبير جلست إلى طلق بن حبيب فقال لي: لا تجالسنه.

2-أن يكون سبب جلوسه أنه يدين ببدعتهم لكنه يكتمها, فهذا يلحق بهم.
وقد جاء عن ابن مسعود أنه قال:
( إنما يماشي الرجل ويصاحب من يحبه, ومن هو مثله )

وقال بعض السلف :
( يتكاتم أهل الأهواء كل شيء إلا التآلف والصحبة)
وهذا كله محمول على من علم أنه مبتدع ويصاحبه ويجالسه من غير مصلحة شرعية, كما تقدم.

وفي الختام : أحذر من طرفين جانبهم الحق في هذه المسألة ؟! .

الاول: من تساهل في مصاحبة أهل البدع ومجالستهم بدعوى المصلحة وهذه الدعوى التي ادعاها هؤلاء إما أن لا تكون مصلحة شرعية فلا تكون معتبرة، أو تكون مصلحة مرجوحة وهي أيضا غير معتبرة .

الثاني: المبالغة في إنكار الجلوس معهم مطلقا مع وجود المصلحة الشرعية ورجحانها
والحق وسط بين هذين الطرفين وهو ما تقدم ذكره
اضف على ذلك أنه ينبغي ان يفرق بين من جالسهم اعراضا عن النهي الوارد من مجالستهم فيكون قد ترك الواجب فيستحق العقوبة وبين من جالسهم لمصلحة شرعية أو عجز عن اظهار عداوتهم
فلا يستحق العقوبة
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق